السيادة في عصر التدخل: تقلص نهائي أم اعادة تشكيل؟
الملخص
مثل مبدأ السيادة ركيزة أساسية في النظام العالمي الحالي الذي نشأ تدريجيا بعد معاهدة وستفاليا (عام (1648 وقد تبلورت أهمية المبدأ بعد نشوء الأمم المتحدة التي حرمت اللجوء الى القوة في العلاقات الدولية وفرضت احترام سيادة الدول في مواجهة أي تدخل خارج الأمم المتحدة ومظلتها السياسية والقانونية. وقد زاد الاهتمام الكبير في العقود القليلة الماضية بمفهوم السيادة ومصدرها وكل ما يتعلق بها ومن كافة الجوانب لأسباب مختلفة. وكان من أسباب هذا الاهتمام الكبير ما جرى من احداث متلاحقة خلال العقود الماضية بدأت بانهيار الاتحاد السوفيتي، وما تبع ذلك من ظهور لدول جديدة، وكذلك الترابط التراكمي والتبادلي العالمي بين الدول والمنظمات وغيرها من تطورات سياسية. ولكن الطبيعة الجامدة للسيادة حسب مفهومها التقليدي قد تحولت الى عقبة كأداء في وجه تقدم مفهوم الإنسانية كمبدأ من المبادئ السياسية والقانونية - وليس الأخلاقية - فحسب في العالم الحديث. في هذا السياق كان من المفترض أن تقدم نظرية "السيادة كمسؤولية" أو "مسؤولية الحماية" الحل لملء هذه الفجوة. وقد تم تبني النظرية أصلا لتعطي الحل الناجح لمسألة التذرع بالسيادة لمنع التدخل حتى في حالات الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان.وتحاول هذه الورقة استعراض وتحليل بعض ما تقدم به مختصي العلاقات الدولية من أن السيادة قد أصبحت من مخلفات الماضي وأن لا مكان لها في زماننا الحالي. ويرى الكاتب أنه ربما من الصحة بمكان القول بـأن نظرية السيادة كانت نتاج أوضاع اجتماعية واقتصادية بعينها. ولكنها مع ذلك أبعد ما تكون من أن تصبح زائدة عن الحاجة أو غير ذات قيمة جوهرية في عالمنا المعاصر. من ناحية أخرى يرى المقال أن نظرية "مسؤولية الحماية" قد فشلت من حيث المبدأ في إيجاد الإجابة الصحيحة للفظائع التي تذوب العالم.وتنقسم الورقة إلى ستة أجزاء وخاتمة. يحاول الجزء الأول وضع مفهوم السيادة ضمن السياق التاريخي لتطور الدولة الحديثة. فيما يناقش الجزء الثاني معنى السيادة في بعض ما قدمه كبار كتاب العلاقات الدولية. وتناقش بقية المقالة مفهوم السيادة في سياق تزايد النزعة الدولية لممارسات التدخل الإنساني. أما الجزء الثالث فيناقش أهمية السيادة في العالم المعاصر، ومن ثم تتناول الأجزاء الرابع والخامس والسادس مبدأ مسؤولية الحماية في السياق الإنساني وأثره على النهج الشامل للفهم التقليدي للسيادة. وينتهي المقال بخاتمة تبين رأي الكاتب في مبدأي السيادة ومسؤولية الحماية في هذا الوقت المشحون بفشل العالم في مواجهة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان.